وديع شامخ
…
لا أعرف سببا أثيرا لاستحواذ الانسان على خاصية الحلم ، والتحقق منه رمزيا أو واقعيا ، فكل الكائنات البشرية مخصصة لبيئة معينة خالصة لها ، وامتلكت كل مقومات البقاء في بيئتها / فصيلة الأسماء في الماء ، فصيلة الدببة في الجمادات ، القرود والاسود ووو في الغابة ، الطيور في السماء ، الحيوانات في كل منها لبيئته ، الجمل في الصحراء ، الخراف في المراعي .
وللحشرات ايضا وجودها العرضي القابل للزوال وفق ما تحتمله من ازعاج للحياة البشرية والحيوانية معا ، وهناك قدر من المبيدات لابطال دور الحشرات .
……
ولا يوجد كائن عاقل سوى الانسان ، ليس بوصفه ملك الغابة ، او سيد الوجود ، بل لانه يمتلك المشاكله وحلم الوصول الى الند الخالق ، المصمم الأول ،، لأول شكل ظهر عليه الانسان ، منذ تمثله كخلية أحادية !!، وكذا يحلم في الوصول الى أول زي ارتداه حين بلغ مرحلة الكمال الجسدي ، وتجاوز الرحلة ” القردية ” وانتصابه كنوع متفوق ” سوبرمان ” على ماضيه !كما يقولون ..
….
كل الكائنات برا وبحرا وجوا قد مارست عملية المحو والوجود ، عبر نظرية الغالب والمغلوب ، التطور في ” البقاء للأصلح ” ولكننا لا نشاهد خرقا نوعيا في البقاء ، السمكة لم تتحول الى قرشا ، بل تحولت الى أنواع من ذات الجنس ، وصارت اسماك ، وفق مبدأ التطور النوعي ، وكذا الحيتان …، وكل مملكة الحيوان ، اذ لا يوجد نسق هرمي للتطور النوعي ، والتحول من خلية أحادية الى انسان ، عبر سلسلة من التطورات في حقل الحيوان وصولا الى القرد الانسان او ما شابهه من كائنات انسانية ، عاقلة ، عاملة ، مبتكرة .. .
……..
هذه المعادلة لا تجادل العلم في كشوفاته ، ولا المنطق في عقليته ، ولا السؤال الفلسفي في مداره الكبير .
كل الكائنات قد تخلت عن الحلم ، وصارت مقتنعة بوجدها في بيئتها ، وفي لحظة ماكرة من تاريخ التطور الانساني والكوني ، صارت القناعة ماثلة في قبول النوع ، والبيئة والمصير .
لم نشهد مظاهرة للأسود تطالب بتحولها الى ثعالب مثلا ، أو ديك يتحول ” مثلي ” الجنس ، يطارد الديوك ، أو حمامة تتنازل للدجاجة عن اجنحتها ” وفق رغوة المثيلة الجنسية “.
……..
وعند ولوجنا الى غذاء الكائنات ، سنجد الافتراس وجبة الحيوان ، وفق نظام الحاجة لسد رمق الجوع ، وليس غاية افتراسية ، وهنا قرأت عن عدالة ال” الصانع الأمهر ” في ان الضحية الغابيّة تفقد احساسها بالألم بعد نجاج المفترس في الايقاع بها ، وهو نوع من التفسير العرفاني لجحيم البشر ” في رأيي العرفانيين والمتصوفة ” بأن الله سوف يكتفي بمعاقبة الملحد لزمن عقوقه ، ثم يلبسه جسدا نارياً لا يتأثر بجحيم النار وسقرها ”
….
لا أحد من الكائنات ، خضع عقله ومشاعره لسؤال الوجود والعدم، سؤال الانتصاب من عدمه ، سؤال النوع وأسئلة القلق ،
كل الكائنات تمثل الى نظام حياتها ورفيفها ، دون جرس يوقظها لحياة ثانية ، لأنها ببساطة لا تخضع لهذا النمط من القلق والاسئلة الوجودية ، لحياة أُخرى ..
الكائن البشري
ومحنة العقل
…………..
منذ فجر طفولة العقل البشري ، بكل براءة وقسوة ونزوة ، حاول الانتصاب دون وصايا ، لكن الحياة متوالية خرافات واساطير / نفي ، معاقبة ، مراقبة ، اقصاء ، رفض ، كبرياء ، اداعاءات ، لافتات ، رموز ، بديهيات قارّة ، متوالية من الأشاعات في تشكيل قناعة القطيع .
مهمة العقل البشري ان يكون حواريا ، والمعرفة أداة الكائن للسبحة في بحر الشك ، والنمو ، ليس للوصول الى الضفة الآمنة ، بقدر قدرة الإنسان على حلمه في مقاربة الاصانع له .
……
الانسان الكائن الوحيد الذي يريد اعاده خلقه ليس في فرضيات علمية فقط ، انه يستثمر بستان روحه للتأمل في سؤال الوجود
لذا كان الانسان قلقا في الخيار ، عنيدا ، ملحدا ، مؤمنا ،
لقد فشل الانسان في مقام الصانع، فذهب للتجريب في الجسد ، عبر عمليات التجميل الظاهرية / خلق مزيف / وذهب الى منطقة العقل ليباري الصانع الأمهر بقصة / الذكاء الاصطناعي ، انتج تكوينات وصوراً باهرة
انتج خيالا ، يفسد الفطرة ، ويحفز السؤال .
الذكاء الاصناعي ،عودة دورية لمعنى العجز عن نسخ تجربة البشرية مع الصانع الأمهر . وفضاء واسع وعظيم لدلالة على سمو العقل البشري في اكتشاف مواطن الخلق وفق قدراته العقلية المحدودة ، وفقا ” ديكارت ” أو عدم الوصول الى القدرة على استثمار اكثر من 10% من قدرة العقل وفق دراسات مختلفة .. المعضلة ليس في الذكاء الاصطناعي بوصفه كشفاً علمياً مبهراً يساهم في انتقال البشرية الى فضاءات مدهشة في حقول العلوم والتكنلوجيا والهندسة والطب والاقتصاد والجمال ، العلّة تكمن في الذي يقف وراء مثل هذه الكشوفات في غايات أيديولوجية سوداء، وحين يدخل ليفسد فطرة الجمال الشعري والموسيقي والتشكيل والتصوير ، وذلك بتقديم بدائل آلية جاهزة تختصر دورة استحالة العميلة الابداعية بضغط ازرار ، انه تسطيح وهزالفي فهم الأليات المعقدة لانتاج النص الابداعي شعراً وسرداً وجمالاً. ..
خيبة التناسخ وعقم الحلم البشري في الخلق الطهراني
الكون و مصابيح وفنارات تشير الى السؤال البشري الاول …