عيد مجيد وزمن قادم عنوانه السلام والحرية  والأمل

شارك مع أصدقائك

Loading

وديع شامخ

بعد أيام ونعبر نهر  الزمن مرة ثانية ، ننتقل الى ضفة أخرى ، ويصبح اليوم ماضياً  والغد مستقبلاً ، وبين الأمس والغد  لابد للإنسان فرداً  ومجموعات وشعوباً أن يفكروا في الزمن الذي يمضي سريعا ، ليحمل في مضمونه  رسائل متعددة ، منها يتعلق بالزمن كونه عمراً يمرّ، ويجب أن نستثمر كل فرصة منه ،  لأن الزمن لا يعود  للوراء مطلقا ً، ولا توجد آلة زمن حقيقية تنفذ هذه الرغبة  المستحيلة.

إذن لا فرصة على المستوى الشخصي لخسارة زمن مضاف من عمر يتناقص ، لابد إذن من مراجعة دقيقة لجدول الأشهر الماضية وما هي جداوها على مستوى الزيادة والاضافات أو الخسارات مادية منها ومعنوية ، ويكون هناك تقييم شامل وموضوعي لتحليل كل حدث سلبي أو ايجابي ، نجاح او اخفاقات ، لغرض ترميم الفراغات ومحاولة اكتشاف الطاقة الإيجابية في الحياة ونقوي عواملها الحاضنة والمساعدة .

كمجموعات هناك معايير قيميّة مادية  تقوم بها هيئات مختصة تكون على سلم القيادة كنقابات، واحزاب ومنظمات مجتمع مدني، وحركات وفعاليات مختلفة اجتماعية واقتصادية وسياسية وعقائدية .وتخلص عادة هذه الدراسات الى تقويم سنوي لسلم الجدوى بكل اشكالها.

أماعلى مستوى الحكومات  فهناك وزارات للتخطيط ومراكز بحوث مختصة بتقديم تقارير للجهات المختصة حول  نِسب الانجاز في الميزانيات الخمسية او الرباعية او السنوية ، في مختلف مفاصل الحياة  الر سمية للحكومة  في دورتها الإنتخابية .

هذه المستويات  الثلاث هي مفترضة لوجود هكذا نماذج ” فردية ومجتمعية وحكومية ”  وليس بالضروة ان تكون حقيقة ،  لان الواقع يشير الى عدم جدوى وجزع وسلبية فردية في التعامل مع الزمن في واقعنا الشرقي- العربي الإسلامي خصوصا ، لأسباب مهمة ، أبرزها عدم  وجود قيمة مجتمعية للفرد ، فهو  مجرد أداة لتنفيذ اوامر ومخططات السلطات  الدكتاتورية والعشائرية والقومية والثيوقراطية ، أو هو صوت انتخابي مشترى سلفاً للانظمة التي افرزتها التجارب ما بعد الدكتاتوريات والعراق نمو ذجا مهما ،.

ناهيك عن هدر مقصود  لقيمة حياة الإنسان في الخلق والإبداع والمشاركة الفعّالة لبناء مجتمع ديمقراطي حر تعددي ، يكون الدستور سيد الحياة والقوانين والفصل التام بين السلطات  التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وهو أساس العدالة  كما يرى الفيلسوف الفرنسي ” مونسيكو” في ان العدالة تكمن وتتحقق في فصل السلطات ” .

والمسؤولية   هنا تقتضي علينا  الذهاب الى مثلث الحياة  من الفر د والفعاليات والمجتمعات والحكومات ، و شحن الطاقة الإيجابية في مسؤولية الفرد لتقييم والمشاركة في حياته الآن والمستقبل ، وهو أساس كل تغيير لاحق ، فالانسان هو اثمن رأسمال  في الحياة كما يرى كارل ماركس  ،  وهو منجم الاستثمار المستقبلي ، لذا فوعي  الإنسان  لقيمته  يضعه كرقم صعب في صناعة الحياة بحاضرها ومستقبلها ، والتخلص  من وظيفتة السلبية  كعضو  لا قيمة له في منظومة اجتماعية ، او جندي منذور للموت في سسبيل الدكتاتور السياسي والديني والقومي  المؤدلج عموما .

لا يمكن للفرد ” الإنسان ” ان يكون مطيّة صامة لتمرير الزمن بلا معنى ، ولا يمكن  للمجتمع ان يكون ” حناجر قطيع ” للهتاف لقادة من ورق .وتدوير نفايات سياسية  لتعويم الزمن والاستحوذ  على حاضره ومستقبله  .

اما عني كفرد وفاعل اجتماعي وشاعر ورئيس تحرير مجلة ” ألف ”  ، فقط كان لي مع الزمن حساب صارم  فقد استطعت ان  . أنجز   مجلة  “الف ياء” خطوتي الواثقةَ ،  وحلُمي  الذي  تأجّلً طويلاً ، بعدَ أن انفقْتُ أكثرً من ربع قرنٍ وأنا  أعملُ في صحفٍ ومجلّاتٍ ومؤسّساتٍ إعلاميّةٍ وصحفيّةٍ   في داخل العراقِ بشكلٍ خجولٍ ، ولكنّ الانطلاقةَ الحقيقيّةَ كانتْ بعدَ خروجي من  الوطنِ عام 2001، بدأتُ رحلةً الميدانِ والملامسةِ العمليّةِ معَ هذا الفضاءِ الرّحبِ بمختلف المؤسّساتِ العراقيّةِ  المعارضةِ لنظامِ صدّام آنذاكَ أو العربيّةِ في الأردنّ رسميّةٍ وغيرِ رسميّةٍ.

كما انجزت على المستوى الشعري  إصدار مجموعتي الشعري الثامنة ” لاوارث لي  ” عن منشورات الاتحاد  العام للادباء والكتاب في العراق – بغداد ، وكذلك في حقل الحوارات   أصدرت كتابي عن ” دار الدارويش ”   تحت عنوان ” القراءة بكافة الحواس ” وهو حوارات مع الكاتب والمترجم العراقي المبدع سعيد الغانمي ..، وقد امتد حلمي لزمن المستقبل ، فقد أرسلت مجموعة شعرية تاسعة الى ”  دار العنقاء للنشر “- العراق – ميسان ،  بعنوان ” صافرة إنذار لوجود شاحب ”  .. ستصدر في الشهر الأول من السنة القادمة .

هكذا رسّختُ لنفسي طريقاً خاصّاً  على مختلف الأصعدةِ الإعلاميّةِ والثقافيّةِ والفكريّةِ والادبيّةِ، وعلى مستوى  الواقع الثقافي الميداني فقد  حققنا مهرجانين  مهمين ” الجواهري للشعر الفصيح ، والنواب للشعر الشعبي ” كحدثين ينتجهما  الصالون الثقافي في منتدى الجامعيين العراقي الأسترالي ، الذي أتشرف بإدارته منذ  10 سنوات .

الزمن لا يحتاج أفراد مغسولي الادمغة ولا جماعات مغردة كالببغاوات ، ولا حكومات تعسفية .

هناك مسؤولية متراكمة على الجميع لعودة الاعتبار  الى  الزمن  بوصفه” نهر لا نعبره مرتين   على حد تعبير  المعلم هيراقليدس”

شارك مع أصدقائك