الفيسبوك .. من  هو الاخ  الأكبر ؟؟

شارك مع أصدقائك

Loading

وديع شامخ

في مسيرة البشرية هناك محطات نوعية، ونقلات فاصلة وشواهق عالية، كلها تشير الى عظمة العقل البشري وهو يواصل الإبداع  لإدامة زخم الحياة إنسانياً وجمالياً، بالابتكارات والاختراعات في كل مجالات العلوم الصرفة منها والاجتماعية ، ولعل من أهم الاختراعات موضوع مقالنا، ثورة الاتصالات الكبرى التي تُعد شاهدة عظيمة على إنجازات البشرية وهي تتواصل  لُتضيّق فجوة المسافات، ولتعيد للبشرية طينتها الأولى  في التواصل خارج سجونها الواقعية والمفترضة ، بعد أن غدا العالم قرية صغيرة حقا ، وهذ كناية عن روح الحميمية والأخوّة السائدة بين أبناء المعمورة وهم  يتواصلون بلا أسوار

………………

ومثل كل منجزات الانسانية لابد أن يكون لها وجهان: الوجه الأبيض  الناصع ، السلمي ، التداولي ، الحواري الفعّال، والآخر وجه الأقنعة  والحيازات  والتلصص المخابراتي ، واستباحة الإنسان .

ولعل من أجمل  الاكتشافات في حقل التواصل البشري، كما أزعم ، هو الفيسبوك ، والذي جاء من رحم التحاور عبر الماسنجر وغيرها من منجزات هذا الحقل .

…………

الفيسبوك نافذة ووسيلة تواصل اجتماعي ومن مخرجات

“social media ”

لها رواد دائمون وزوار مؤقتون ، واجمل ما فيها انها نافذة شخصية وعامة معا، انها هدية العلم لك ، ولها شتامون  وناقمون ، ومستخدمون اذكياء  يعرفون توصيل رسائلهم بكل حضارية   .

الفيسبوك تقدم  للمخابرات الدولية معلومات مجانية لحياة كل مستخدم ، ولكنها لا تجبره على ذلك، وتقدم للمستخدم نشر غسيله الأبيض والاسود معا ، تسمع له بالحوار والنقد لحد كسر العظم بين الانداد ولكن بروح حوارية بلا اسلحة ولا موت .

وأمام هذا البذخ  الفيسبوكي الحواري، نرى جحودا مريبا لبعض المستخدمين جهات وافرادا ، لا يطيقون الحوار ولم يتدربوا على  لغة الآخر قبولا ، أو رفضا .

…………..

في هذا الفضاء الحواري الانساني، يوغل اصحاب البعد الواحد في بث سموم وروائح  افكارهم العطنة ، ويريدون تأكيدها باستجداء ما تيسر من ممكنات الاعجاب” لايك،شير.”  ويجدون  في تجييش توابعهم لشن غزواتهم الالكترونية  لتصفية الآخر المختلف !!.

فإذا كان الفيسبوك وسيلة تنصت لوكالات المخابرات العالمية، وهو أمر ربما يكون وارداً، ولكن ليس جبريا طبعا، فكيف يكون حصة المستخدم القاطن المختلف، الموتور ؟

الفيسبوك  فضاء العقل والروح والنفس البشرية لكي يلهو الإنسان على بحر ما يشتهي ، فإن أراد لعقله زاداً  وجد ، ومن أراد لروحه أجنجة طار بها ، وإن أراد للواعجه نفساً  أصابها  .

ولكن ما حيلة العلم والاختراعات والتاريخ والجغرافية  بهؤلاء المستخدمين الذين لا روح لهم ولا نفس ولا عقل ؟

ومع التحجر وهذه البقعة السوداء في بياض الكائن البشري، سوف يفزع علينا حشد من المُكفّرين ، المرائين ، ليشتروا عقولنا بمزاد  خيالهم ، ويصادرون رصيدنا ورفيف قلوبنا في قوالبهم  المتحجرة، ويبدأ  مسلسل الحرام والحلال، وهذا  وغيره ، ولم يكتفوا بهجرنا  في المضاجع ، بل يرفعون العصي  الغلاظ  إن لم  ندخل في حضائر الطاعة .

………………

الفيسبوك  انجاز  انساني وسبورة للخليقة كلها كي ندون عليها  بطبشورنا  مكنونات   روحنا  الحوارية، ومزاجنا العاطفي، واخطاءنا وعذاباتنا وصلاحها  ودموعها ،

الفيسبوك  ملحمة البشرية وكرسي اعترافها  ومحكمة ضميرها  ومدونة وعيها .

فلا مقام لمتذمر ولا أثر لواعظ ، لا مقدسات ولا وصايا.

دعونا نحلم  بلا  كوابيس  ، ونعيش بلا أسوار  .

فلا أخ اكبر ولا أصغر في مناخات الحوارية الانسانية ، وفوق كل ذي علم عليم!! .

………………………….

شارك مع أصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *