حوار مع الكاتبة الجزائرية ( عائشة بنور)..

شارك مع أصدقائك

Loading

حوار ..  أحمد طايل

مصر

 

على دور النشر أن تؤدى دورها لا أن تتحول الى ما يشبه البنوك التجارية.

===========

رؤى حوارية .

..أطلقوا عليها بلد المليون شهيد، وانا اضيف أنها ايضا بلد المليون مبدع ومفكر وبتميز، تشدنى دوما كتابات الشمال الإفريقي، لأنها تتميز  بالكثير من الواقعية والقليل من الخيال، وليس مثل الكثيرين الذى يغلقون الخيال ببعض الواقع، لذا هو ادب يعبر الحياة بكل تفاصيلها المعاشة، يطرح قضايا ويضع حلولا, إبداع له أهداف ويخاطب عقول الآخرين دون تعال أو تكبر، وما يكون صادقا يكون طريقه سهلا نحو العقول والأفئدة، حوارى

الروائية الجزائرية عائشة بنور

في البداية،  أقف وقفة اجلال وتقدير للشعب الفلسطيني الأبي الذي وقف في وجه الاحتلال الغاشم وأترحم على قوافل الشهداء الذين استشهدوا و سقوا بدمائهم أرضهم الطيبة في ظل الصمت الدولي أمام المجازر التي ترتكب في حق الشعب الأعزل، إنها جرائم ضد الانسانية.

* نود أن نتصفح معك هويتك الإنسانية والمهنية والإبداعية, ماذا بها؟

الكاتبة الجزائرية عائشة بنور من مواليد مدينة سعيدة ، متزوجة وأم لأولاد ، أكتب القصة القصيرة والرواية منــذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، عائشة بنور مارست الكتابة الصحفية في العديد من الجرائـد والمجلات الوطنية والعربية وأسهمت بمقالات ودراسات حول قضايا المرأة والطفل ونشرت أعمالها في عدّة طبعات مختلفة وبعض كتبها بالوطن العربي وبفرنسا، وهي على منصات البيع الإلكتروني، كما ترجمت بعض أعمالها الروائية إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، وبعض قصصها إلى الايطالية والتركية، وكتب عن مؤلفاتها الكثير من الدراسات ( داخل وخارج الوطن ) والعديد من الأطروحات الجامعية، وشاركت في ملتقيات وطنية ومؤتمرات دولية ( المغرب، الهند…)، مستشارة ثقافية بدار الحضارة.

* حكايات الطفولة والبيئة التى تواجدت بها منذ سنوات الطفولة، ماذا عن دورها فى تكوينك الفكرى؟

وللطفولة حكايات… من  عام 1970  وفي ليلة مقمرة فتحت عيني والناس من حولي، ووجدت صبيانا ونساء في خيمة الشعر الكبيرة، يصل مسامعي ثغاء الخرفان وصياح الديكة وخوار الثيران والطبيعة مزهوة بعطر الربيع وهو يكسو الأرض بحلة خضراء مزينة بألوان مختلفة من بديع السموات والأرض.

رأيت النور في عائلة بنور التي تنتسب إلى جدي الولي الصالح سيدي الحاج بن عامر بن محمد (من الأشراف).

كانت الفرحة عارمة بالبنت البكر، “بختة” ذاك اسم أمي الذي تعرفه ناحية الغرب الجزائري كما تعرف الشمس كواكبها وتغنى به شعراء الشعر الملحون في قصائدهم.

وبنت “المختار” ذاك أبي الرجل الذي غمرني بحبه الفياض، ورجل القرآن الكريم بالوراثة، أهله يتنفسون القرآن من الأجداد إلى الأحفاد وحب الفروسية.

أبي معلم قرآن في قرية فلاحية اشتراكية تسمى “المعمورة” من عهد الرئيس الراحل هواري بومدين الذي أشرف على تدشينها سنة 1973م ووزع مفاتيح السعادة على السكان.

كان عمري ثلاث سنوات عندما كانت تصل مسامعي أصوات الصبيان وهم يرتلون القرآن ترتيلا، فينتعش وجداني وتشرئب روحي بسيمفونية الخلود ونغمات الوحي.

قرأت القرآن الكريم عند أبي في (الشريعة) والشريعة هو اسم المداس القرآنية في الناحية، كانت تلازمني لوحة ومدواة (قرطاس) وقلم قصبي بهما نقشت حروفي الأولى على صدر هذه اللوحة الخشبية ..كان يعجبني كثيرا رسم أبي لحروف القرآن وكتابتها في ألواحنا..وتعجبني تلك اللوحات المزينة بتشكيلة من الرموز والألوان والخطوط كلما يختم أحدنا ربع القرآن الكريم أو نصفه، وتكون الفرحة عارمة حينما تذهب مجموعة من الأولاد يجوبون البيوت وهم يحملون لواحاتهم المنقوشة على أنهم ختموا، فتقدم لهم الهدايا بكل فرح وسرور كحبات البيض أو السكر وقطع من النقود، دون أن ينسى المحتفل به تكريم شيخه بهدية رمزية تقديرا له، كما يحظى الحافظ نفسه بالتقدير والاحترام الكبير…الخ

كبرت وكبر معي حلم الطفولة يراقص خطواتي خطوة خطوة، وولجت عوالم المراحل الدراسية بأطوارها الثلاث التي كانت مرحلة حاسمة في حياتي التعليمية ومنعطف اثبات الذات في مجتمع منغلق يرفض أن تتعلم فيه الفتاة، تميزت هذه المرحلة الصعبة بالتحدي وبإصراري على مواجهة كل الصعاب ومرحلة خصبة في تكويني المعرفي و بنشاطي الكثيف والمتميز في الدراسة خشية التعثر، كنت مولعة بالأدب وبالتاريخ وبالثورة الجزائرية المجيدة، إذ كنت أقدم نشاطات ثقافية في ثانويتي ( قاضي محمد التقنية) بسعيدة، لأنني كنت مسؤولة النشاط الثقافي (لاتحاد الطلبة بالثانوية) وقدمت محاضرات عن الحركة الوطنية الجزائرية واتخذت من ثورة  المقاومة الشعبية ( البطل بوبغلة ) البداية، وبتشجيع من أساتذتي خاصة أ. زياد بن الصايم وميسوم عبد القادر …الخ واستمرت الدراسة النشاط واستمر معها الولع بالتاريخ والبحث، كنت أجد تلك المتعة الثقافية التي تحفر في الذاكرة، متعة القصص، فتتحول عندي هذه المتعة إلى تشكيلة أدبية وفنية بشكل أو بآخر..الغوص في أعماق تلك العصور والكشف عن تحف جمالية وفنية رائعة عن حياة الناس وعواطفهم وخيباتهم ومواقفهم وبطولاتهم التي تلخص مسيرة من مصائر الشعوب وطقوسها والتي أصبحت مادتي في تشكيل عوالمي الروائية اليوم.

* لأسرتك الصغيرة مؤكد دور مؤثر بشكل كبير على دفعك إلى خوض غمار الكتابة، هل يمكنك الإفصاح عن هذا الدور؟

أكيد لأسرتي الصغيرة دور كبير في الدعم المعنوي والإيمان بما أكتب ، ولأني شغوفة بالكتابة تعدّدت اهتماماتي وفق طموحاتي والتي كان يغلب عليها عالم الكتابة وكان من حظي أن زوجي الكاتب رابح خدوسي له الاهتمامات نفسها، زوجي الانسان والأديب الذي كان سندي في تحقيق طموحاتي و بناتي سناء ونور رفيقاتي في هذا الحب والشغف.

* هل تتذكرين أول قراءات لك، وهل تحافظين بها للآن وتعودين إليها بين الحين والآخر ؟

أتذكر قراءاتي الأولى المتنوعة ولمختلف الفنون الأدبية :منها وداع مع الأصيل لفتحية محمود الباتع والذي أثر في كثيرا ، كتابات كل من بنت الشاطئ، أنور الجندي ، الرافعي ، مي زيادة، طه حسين ، جبران خليل جبران …الخ ،القائمة طويلة ، مازلت أحتفظ بهذه الكتب وأعود إليها لحظة التذكر لمراحل الشباب التي رافقتني فيها هذه الكتب المليئة بالحب والحكمة والنبل والوجع الانساني وبالخيبات.

* متى شعرتى بأن بك رغبة بالكتابة؟

حينما أتألم، تهتز مشاعري وتضغط عليّ الأفكار وقتها أشعر بالكتابة لأتنفس، فالكتابة هي مخرجي ومتنفسي الوحيد من ضيق الحياة وقسوتها، أعتبرها النور الذي أكتشف به معاناة الآخرين، معاناتهم الخرساء أو حتى رضاهم بهذا الجفاء والقسوة، أشعر وكأنني أحاول الحفر في مآسيهم المنسية أو المفجعة، أوغل في أعينهم الراقصة على وتر الفرح المبطن.وأحيانا أشعر بالوجع وأنا أتوسع على سعادة شخوصي البائسة التي تخمد تارة وتتفجر تارة أخرى، على أشلاء من الروح التي تربعت عليها قلوب قاسية لتلوذ بالاستسلام والخيبة والحسرة معاً.

* نصك الأول، بأى عمر كان، ومن القارئ الأول له، وماذا كان الانطباع؟

ربما وُلدت لأكتب، وكانت البداية في مرحلة المتوسط، وأولى كتاباتي كانت في الثالثة عشر من عمري ونمت هذه البذرة بمرافقة أساتذة الدراسة شاكرة فضلهم ومحبتهم. وبطبيعة الحال أجد منهم التشجيع والتصويب والمرافقة الحسنة.

* حينما تجلسين أمام مكتبك وتمسكين بقلمك، ما هى طقوس الكتابة لديك؟

الكتابة متعة وجمال وقبل أن أبدأ في كتابة عمل ما ، مسبقا ، ينتابني احساس غامض إذ أحتاج إلى الهدوء والخلوة لأرتب الفوضى التي بداخلي مع كأس من الشاي والتفكير العميق والصمت، لا أشعر بمن هم حولي، أكون دائما في حالة قلق فكري ووجداني، ولهذا الجمال الروحي الذي يتلبسني، طقوسه تفرض نفسها على الذات المبدعة، لا أكتب ليلا إلا نادرا  وأختار القلم الذي أكتب به بعناية، أحب رذاذ المطر والصمت، لحظة الكتابة أعيش عالمي الروحي، وتعاملي مع نصي أشبه بأن يكون جنونيا وحميميا ودافئا، أشعره بكل جوارحي، وأستشعره في كل حركة أو كلمة أو فكرة أحاول تحويرها، أستطيع القول أنني أتلبّس شخصياتي للوصول إلى الفكرة التي أرغب في ايصالها، وأكثر ما يتعبني هو اختيار الأسماء لشخصياتي التي أحاول أن أجد لها الصورة المثالية لها والتي تنطبق على ما أكتب..

* ماذا تريدين من خلال كتاباتك؟ وهل تحقق لك بعد عديد من الاصدارات ما صبوت إليه من الكتابة؟

ما أريده من كتاباتي أن تحرك الساكن و أن تحرك المشاعر الانسانية وأن تحي الضمائر الميتة تجاه الذات والقضايا الإنسانية، نفس الكاتب تواقة وأنا نفسي تواقة إلى الأفضل والحمد لله أن اصداراتي تجد طريقها للقارئ الانسان سواء على المستوى الوطني أو خارجه وأكيد لها تأثير على قارئي الذي حركت مشاعره الانسانية خاصة في روايتي الزنجية ونساء في الجحيم وقد تلمست هذا من خلال العديد من المقالات والرسائل التي تصلني من حين لآخر تشيد بما كتبت، مثلا روايتي ” نساء في الجحيم”  – صدرت في عدّة طبعات عربية ومترجمة إلى الانجليزية والاسبانية –  الرواية الفلسطينية بامتياز والتي كان كل من يقرؤها يعتقد أن كاتبتها فلسطينية وأذكر هنا أن سعادة السفير الفلسطيني بالجزائر الأستاذ أمين مقبول قرأها على متن الطائرة لأنه وجدها في مكتب سابقه فأخذها معه وقرأها بالطائرة من عمان إلى الجزائر دون أن يبرح قراءتها، لما تركته فيه من أثر، وقد كان يظن هو أن صاحبتها فلسطينية وقد فاجأه الأديب أحمد ختاوي والشاعر رائد ناجي أثناء زيارتهم له أنني جزائرية وعبر لهم عن اعجابه الكبير بالرواية. كذلك بالنسبة لروايتي الزنجية – صدرت في طبعتين وترجمت إلى الفرنسية والانجليزية-  أنني من نيجيريا لأن الوجع الانساني واحد.

* لمن تكتبين، لذاتك، أم للآخر أم عن الآخر ؟

أولا الكتابة مرتبطة بالذات وبالوعي الانساني الذي تفرضه القضايا على المبدع، للآخر، لإيصال صوت لمن لا صوت لهم ، وعن الآخر الذي ربما يجد في كتاباتي متنفس له.

* عملك الأول الذى نشر وطرح للجمهور، ماذا هو؟, وكيف كان الاستقبال من القراء، والنقاد، وكتاب الأعمدة الصحفية؟

عملي الأول كان في الدراسات وهو كتاب بعنوان” نساء يعتنقن الإسلام الذي يسجل أهم المحطات الروحية في عالم المرأة الغربية ورحلة اعتناقها للإسلام، جاء هذا العمل لتأثري بما كنت أقرأ وبحكم تكويني الطفولي ، انتهت طبعته والحمد لله، هذا من ناحية الدراسات ، أما من ناحية الابداع الروائي فكانت رواية “السوط والصدى” التي عالجت موضوع الارهاب والتطرف وواقع المرأة الجزائرية التي عانت من العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي ، وقد كان لها صدى واسع من ناحية المقالات الصحفية والدراسات البحثية الجامعية، الرواية صدرت في طبعتين.

* من أول قارئ لك؟

أختي خيرة…لها كل الحب.

* من الذى آمن بإبداعك وكان دوما محفزا لك؟

والدي حفظه الله، أبي هو الذي فتح لي أشرعة الحرية بداخلي من خلال القصص في القرآن الكريم، سرده لقصص القرآن الكريم بعد صلاة المغرب، وروح الانبهار التي كانت تسكنني فعرفت قصة يوسف وسليمان وأهل الكهف والخضر عليه السلام و..و..تشبعت من خلالها بالحكي والتشويق والخيال…..كنت فتاة أبي المدلّلة ..الحنونة ..يظهرني بأجمل الأثواب الأنيقة ..كنت حلمه،  وكان لي هو لي المحفز والأمل في الحياة..

* الزمان والمكان فى أعمالك، ماذا عنهما؟

تأثيرهما كبير على المبدع، فبالنسبة للمكان ارتبطت كل أعمالي الروائية به خاصة في روايتي”نساء الجحيم”، إذ كانت الرحلات مع زوجي إلى مدن الجمال اسبانيا:( مدريد، قرطبة، اشبيلية، غرناطة)،  أثر كبير على نفسيتي ، و لارتباطنا بها تاريخيا، فقد ساهمت الأمكنة كثيرا في انجاز هذه الرواية التي وقفت على شواهدها التاريخية والأماكن بتفاصيلها لما تزخر به هذه المدن العريقة من جمال مبهر، ضف على ذلك أن رحلاتي إلى ماليزيا، سنغافورة، فرنسا، تركيا، الامارات العربية المتحدة:(دبي، أبو ظبي، الشارقة) و قطر، والهند، و تونس، والمغرب…..الخ) دون أن أنسى رحلاتي الداخلية إلى مدن مختلفة عبر ربوع الجزائر الحبيبة  أضافت لي تجارب أخرى في الحياة أضافت لي الكثير من الروافد الثقافية في الكتابة الروائية وبالتالي اصبحت مرتبطة أكثر بالمكان والبحث في تاريخ المدن قديما الذي تأسست عليه كل أعمالي الروائية.

* ماذا عن دور النقد بحياتك؟ هل وجدت عناية نقدية موضوعية بأعمالك؟

الحمد لله، أعمالي الروائية وجدت طريقها في العملية النقدية وفي البحوث والدراسات وكذا في الأطروحات الجامعية على مستوى مختلف الجامعات الجزائرية وحتى في الدول العربية والدولية مثل الهند وباكستان وتركيا وايطاليا وهذا أكيد يساهم في رؤية متعددة وجديدة نحو أعمالي الروائية و الكفيلة بالدراسة والاستنباط والبحث لأن الوعي بالعملية النقدية هو الذي يقود النص إلى بر الأمان دون التخلي عن مناخه الخاص والعالم الذي تشكل فيه والعوامل التي ساهمت في توجيهه، النقد للنصوص مهم جدا وبالتالي يبقى النص  مفتوح على مختلف المصطلحات النقدية والرؤى المعرفية وذاك ما حظيت به أعمالي الروائية.

* ما العمل الإبداعى الذى تمنيت لو كنت أنت من كتبه، ولما؟.

أعمال الرافعي، نظرا للقيمة الانسانية التي تزخر بها.

* ما مدى الحلم الإبداعى لديك، وهل اقتربت من تحقيقه؟

المبدع انسان حالم والحلم صعب تحقيقه في ظل المتغيرات الفكرية، ومع ذلك يبقى الحلم الابداعي حلما نسعى لتحقيقه ومنجزاتي الابداعية كانت حلما وأصبحت حقيقة والحمد لله ومع ذلك نبقى نحلم بشيء لم نحققه بعد، وأنا نفسي تواقة وحالمة بإبداع أفضل ومدهش، وحسبي أني أخلصت فيما قدمت.

* لو خيرتى أن تختارى جيلا كنت تتمنين الانتساب له، ما الجيل الذى تمنيت لو عاصرتيه؟

جيل الرواد من الكتاب العرب الذين انبهرت بهم في عصر النهضة، حينما كان للكلمة وزنها وقيمتها وتأثيرها في المجتمع وعلى السياسي.

* ما رأيك بتقسيم الكتابة إلى كتابة ذكورية وأخرى نسائية؟

لا أحب هذا التقسيم والذي أثير مؤخرا وحدد عدّة مفاهيم ورؤى اختلفت الآراء فيما بينها، ببساطة أنا  لا أؤمن به ، فالإبداع مرتبط بالإنسان بغض النظر عن جنسه دون التوغل في التفاصيل، فهو التكامل بينهما والأدب بكل ألوانه ما هو إلاّ صور انسانية و مشـاعر ومواقف ورؤى ،فالكل يصب في رافد واحد وهو الحضارة الانسانية ومخزون تتكئ عليه الأجيال مستقبلا.

* ما تأثيرات السياسة والحالة الاقتصادية على الإبداع، وهل هو تأثير سلبى ام إيجابي؟

بطبعية الحال هناك تأثير على الابداع ببعده المعرفي والجمالي وتأثير سلبي أكثر منه إيجابي، إذ لا يمكن أن يلتقي عالم الابداع ( الحرية) وعالم السياسة في خندق واحد، الأول مثالي وخيالي وسامي والثاني مادي، ومرعب ونلحظ ذلك في تصوير الابداع للحروب وبشاعتها ومخلفاتها على الانسان منذ القدم، وحتى على الجانب الاقتصادي يكون هناك ركود …الخ ، في كل الأحوال هذا يحتاج إلى مساحة أكبر للتحليل لأن العلاقة بينهما جدلية  ولا يمكن حصر هذا التأثير على الجانبين في نقاط بسيطة وما تفرضه الظروف والأوضاع السياسية أو الاقتصادية يكون له تأثير سواء ايجابيا أو سلبيا على كافة المستويات.

* ما رأيك بالجوائز الأدبية، هل تمنح وفق معايير منصفة؟.

الجائزة هي تثمين للجهد والمبدع دائما تواق لتحقيق الانتشار بكتاباته داخل وخارج حدود وطنه ولفت انتباه القارئ الذي لا يسمع به مثل ما يحدث في جوائز نوبل، وأحيانا الجوائز ليست المقياس الوحيد للإبداع الأدبي نظرا لأعمال مهمة في المتن الروائي جديرة بالفوز كقيمة موضوعية وفنية بمقاييس أدبية لكنها لم تفز بجوائز مقابل أخرى بسيطة تنال الجائزة وهذا لحاجة في نفس يعقوب.أما بالنسبة للمعايير فأعتقد أنها ثابتة وفق معطيات سابقة تحددها لجان الجائزة ولا تتغير لا من ناحية المواضيع ولا من الناحية الاعلامية التي تصنع بها الحدث كما هو متعارف عليه في جوائز نوبل.

* هل توجد عدالة توزيع ثقافى بمجتماعتنا العربية، بمعنى هل تتساوى كل بقاع

الدول بحصص متساوية من الثقافة؟

سؤال مهم، للأسف الشديد لا ،   نظرا لعدة معطيات منها خصوصية الدول العربية ، اهتمام كل دولة بما ترصده ماديا للثقافة ، الثقافة يعني تنوير و وعي مجتمع وفي مجتمعاتنا العربية الثقافة ليست من أولوياتها.

* ما تأثيرات القراءة والنشر الإلكتروني على القراءة والنشر الورقى؟

لا أحد يشك في القيمة الاضافية التي أحدثتها التقنيات الحديثة على مستوى تطور الابداع فلقد ساهمت في التبادل المعرفي  والتقارب الفكري و التعرف على آليات جديدة سواء في عملية النشر أو على مستوى الكتابة الابداعية نفسها ومتابعة المشهد الثقافي عند الآخر، باختصار هي نقطة تقارب تشكل وعيا جديدا في تطور الإبداع القراءة والنشر الالكتروني عزّز سهولة التواصل والنشر السريع وخلق فضاءات متنوعة بإمكانها أن تساهم في الحراك المعرفي والتبادل الثقافي، لكنها أفرزت للأسف الشديد تراجع القراءة للكتاب الورقي من ناحية الاقبال عليه، و أصبح الكاتب يعاني من قلة المقروئية وحفظ الملكية الفكرية وحقوقه المادية في ظل هيمنة النشر الإلكتروني، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن الكتاب الورقي لم يعد مدعما من طرف الدولة وبالتالي أصبح القارئ يتصفح الكتاب في أبعد نقطة من العالم على منصات رقمية مختصة مما أدى إلى انخفاض مستوى القراءة في المدارس وحتى عند الناشئة الذين أصبحوا أسرى هذه التقنيات الحديثة لما تحمله من معارف وترفيه وسرقت القارئ المعتاد على القراءة من القراءة، ومع ذلك وفي ظل كل هذه التحولات يبقى للكتاب الورقي حميمته وللقراءة في صمت شغفها و خير جليس في الأنام كتاب…

* عند تجوالك بمعارض الكتاب، بحثك الأول عن كتابات من ولماذا؟

أول شيء أبحث عنه في المعارض الوطنية أو الدولية للكتاب هو الكتب الفكرية التي تهتم  ببناء الفكر الانساني،الكتب التي تهتم بالقضايا الفكرية التي تبحث في مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية والمتعلقة بالراهن ونقده وحل مشكلاته، كتب علم النفس ضف إلى ذلك الرواية، الكتب التاريخية المهمة…الخ  لأن كل ذلك  يساهم في تطوير الذات المعرفية وتطوير الابداع. التنوع مهم، وما يجذبني هو تلك الأعمال التي تكون قادرة على محاكاة النفس البشرية والغوص فيها وسبر أعماقها.

* هل لمهنة الكاتب تأثيرات على كتاباته؟

بطبيعة الحال، ضغوط الحياة العامة لها تأثير سلبي على أفكار الكاتب وعلى نفسيته بالخصوص، هذا التراكم اليومي من التأثيرات قد يساهم في هروب الكاتب إلى الكتابة كملاذ للراحة النفسية وقد يزيد من توتره وانشغاله لدرجة الابتعاد عن الكتابة التي ربما لا يجد لها الوقت الكافي في مساحة هذه الانشغالات.

* أعرف أن الزوج كاتب ومبدع، هل كان هذا بوجود مناخ للإبداع بشكل متميز؟ وهل ينقدك أحيانا بحيادية؟

نحن أسرة مبدعة، مولعة بالكتابة والبحث والقراءة، لدينا مؤسسة للتأليف والنشر (دار الحضارة)  وبالتالي نحن مع الكتب يوميا، نؤسس لمشروع ثقافي على المدى البعيد، زوجي الأديب رابح خدوسي له أكثر من 60 مؤلفا، منوعة، سواء في الكتابة القصصية أو الروائية أو الدراسات التاريخية…الخ ،  هذا من جهة ومن جهة أخرى كوننا مبدعان واهتماماتنا نفسها، نناقش أوضاع ثقافية، نناقش أفكار وحتى في كتاباتنا نتبادل الرؤى حولها وننقد بعضنا البعض قد يكون اختلافا وقد يكون توافقا، المهم أن هناك مناخ ثقافي، ابداعي، فكري…الخ

* ما مشروعك الابداعى الذى تعكف عليه حاليا, وما المشروع الذى تحلم أن تكتبه يوما؟

بعد صدور روايتي الزنجية ولله الحمد والتي حققت صدى كبير في الوسط الثقافي لما تحمله من مواضيع انسانية مهمة وعميقة، أنا أعتكف حاليا على مشروع رواية جديدة، هي بالنسبة لي الحلم الذي راودني منذ سنين للاشتغال عليه، وأكيد سوف يكون لهذا العمل الروائي الجديد صدى مثل كافة أعمالي الروائية السابقة كسقوط فارس الأحلام أو اعترافات امرأة أو السوط والصدى أو نساء في الجحيم ….الخ،  لأنه مهم ومهم للقارئ الجزائري خاصة والعربي عامة أن يكتشف جزء من الذاكرة المنسية.

* اذا طلبنا منك أن تضعى عنوانا عنك، ماذا يكون، وأسبابك لهذا الاختيار؟

صاحبة الأحاسيس المرهفة، لأنني ببساطة انسانة حساسة جدا وكما نقول في بلادنا ( حنينة بزاف)  ويؤلمني أكثر من يوجعني ولو بالكلمة أو نظرة، و أتألم لحال الأمة العربية و ذاك أفظع ما يؤلمني.

* رسائلك إلى.

مسؤولى الثقافة.

أن يحملوا على عاتقهم هموم الكاتب و يروجوا لأعماله التي تنشر وأن  يؤسسوا دوريات متخصصة في هذا المجال، وأن يدعموا الكتاب ويفتحوا باب التوزيع، وأن يحفظوا كرامة الكاتب وأن يخلقوا مؤسسات ثقافية داعمة للكاتب والكتاب…هذا باختصار.

= دور النشر.

أن تؤدي دورها المنوط  بها و أن لا تكون مجرد بنوك تجارية.

= الإعلام

للأسف الشديد اليوم وفي عصر التفاهة أصبح الاعلام يصمت في ظل انتهاكات حقوق الانسان العربي، الاعلام اليوم  يعز من يشاء ويذل من يشاء، و في زمن التفاهة غاب دوره الفعلي في تحقيق نهضة الأوطان ونشر الوعي الجمعي.

= الناقد.

مهمة الناقد صعبة والأصعب مواكبة الكم الهائل من الانتاج الأدبي والجديد في ظل غياب أو تراجع الصحف الأدبية المختصة في ذلك بسبب الوسائط التكنولوجية الحديثة ، كذلك الكف عن ممارسة دور الحارس أو الشرطي الذي يمنع أو يحدد قوالب الكتابة وفق المصطلحات الغربية التي لا تحاكي خصوصية الأدب اللصيق به و بواقعه الحضاري والمحلي في ظل غياب مدرسة نقدية عربية.

= الكاتب.

مسؤول ومسؤوليته كبيرة في الوعي الإنساني، على الكاتب أن يكون ملتزم بقضايا الانسان وبناء الانسان وبناء الاحساس الذي فقدناه في انسانيتنا بفعل الضغوطات والتحولات العالمية المفروضة علينا ومسؤول في تشريح الواقع والدفاع عن القضايا العادلة وأن لا يساهم في نشر التفاهة.

= القارئ.هو الوعي الثاني للكاتب والعين الثانية التي يرى بها نصوص المبدع، وأتمنى أن يرى القارئ في نصوصي ومتخيلي الروائي الصورة الجمالية والإنسانية، فشكرا لكل من آمن بحرفي وشكرا للقارئ، لقارئ كتابات عائشة بنور ، شكرا لك

 

 

 

شارك مع أصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *