حوار مع الأديبة جميلة بلطي عطوي  

شارك مع أصدقائك

Loading

حوار أحمد طايل

أعترف أنّي شديد الشّغف والولع بحوارات الشّمال الإفريقي وهذا لا ينفي قراءاتي المتعدّدة للكثير من الكتّاب والكاتبات العرب، لأنّي على يقين أنّ التّقارب بين الشّعوب طريقها واحد هو الثّقافة والفنّ وتنوّعاتهم ،واليوم حواري مع مبدعة متميّزة ولكتاباتها صدى ووقع في عالم الثّقافة ، تكتب في أجناس إبداعيّة كثيرة وتتميّز بكلّ منها ، هي ابنة تونس الخضراء البلد الذي ينبض إبداعا وثراء فكريّا كما انّه دوما متقارب مع الثّقافات العربيّة والغربيّة بشكل كبير  لكنّه لا يؤثّر على كينونته وهويّته الخاصّة ، مع الأديبة

جميلة بلطي عطوي.

 

…………………………………………………….

س …نرجو مصاحبتنا بجولة داخل زواياك الإنسانيّة والعمليّة والإبداعيّة .

ج … سيرة ذاتيّة مختصرة

الاسم .. جميلة بلطي عطوي

الشهادات العلميّة

  • الاستاذيّة في اللّغة والآداب العربيّة من كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة 9 أفريل بتونس.

-شهادة تكميليّة في الفرنسيّة العصريّة ولغة الصّحافة .

المهنة … أستاذة اللّغة والآداب العربيّة والتّرجمة بالمعاهد الثّانويّة.

-الوضع الاجتماعي .. متزوّجة امّ وجدّة.

الهواية .. الأدب بأنواعه : قراءة وإنتاجا.

المسؤوليّات الثقافيّة :

رئيسة نادي الأدباء الشّبّان سابقا

نائب رئيس جمعيّة ملتقى الحرف الأصيل سابقا.

المستشار الأدبي للوجدان الثّقافيّة .

عضو اتّحاد الكتّاب التّونسيين.

عضو نادي السّرد توفيق بكّار .

عضو نادي الشّعر باتّحاد الكتّاب التّونسيين.

مشرفة على نادي في رحاب قرطاج للثّقافة  بالمكتبة الجهويّة بتونس.

عضو بكثير من المنتديات الافتراضيّة  الوطنيّة والعربيّة .

المنجزات الأدبيّة :

تقديم دواوين شعريّة لشعراء من تونس ومن الوطن العربي .

أعمال نقديّة من خلال تقديم منجزات شعريّة وسرديّة.

الإصدارات

الشّعر

أحلام ومراكب… 2015

همس الحنين.. 2017

أمواج من مداد …2018

الأفق والنّوارس… 2019

بين نور وغسق …2021

وشْم على ذاكرة البياض ..2022

تحت الطّبع …السّابح نبض والسّروج حروف

السّرد :

فيوض الدّلاء.. 2018

همس المرايا … 2020

نجوى الحروف صهيل الحكايا … 2022

عند غروبها أشرقت .. رواية الجزء الأوّل  2022

مع مخطوطات كثيرة في الشّعر والقصّة والرّواية تنتظر الطّبع.

أعمال مشتركة كثيرة يطول سردها ( 8)

مع تكريمات  وحوارات كثيرة من داخل الوطن وخارجه  يطول سردها .

 

س ….ماذا عن المناخ الأسري والمجتمعي الذي كان له أكبر التّأثير على فكرك وثقافتك والذي أخذك فيما بعد إلى معترك الكتابة الإبداعيّة ؟

ج …. الإجابة عن هذا السّؤال تتطلّب العودة إلى الظّرف الزّماني الذي كانت لي فيه بداية الاشتغال على الحرف  خاصّة وأنّنا في ذلك الزّمن وخاصّة بالنّسبة لجيلي و في المناطق الرّيفيّة  أساسا ما كان المجتمع يهتمّ كثيرا بتعليم البنت لذلك كاد التّعليم يكون حكرا على الذّكور لكنّ أبي رحمه الله حرص شديدا على أن يلحقني بالمدرسة  بل كان كثيرا ما يتحدّى ويقول ستنجز ابنتي في مجال التّعليم ما لم ينجزه غيرها وعندما تحصّلت على الشّهادة الابتدائيّة لاقى معارضة شديدة من الأسرة الموسّعة بحكم أنّ المدرسة الثانويّة كانت بعيدة ولذلك لابدّ من أن ألتحق بالمبيت والجميع كان يرون في ذلك خطرا كبيرا على فتاة صغيرة لا خبرة لها في مواجهة الحياة  خارج النّطاق الأسري لكنّه بتحدّيه المعتاد كان يردّد جملة مازالت ترنّ في أذني إلى الآن ..ابنتي بألف رجل .. وكان الأمر كذلك ثمّ التحقت بالجامعة وحققت حلمه في أن يراني كما كان يشتهي لذلك أقول إن الفضل الأكبر كان لأبي رحمه الله إضافة إلى ما لقيته من تشجيع من المعلّمين والأساتذة على مدار المراحل التّعليميّة .

 

س …لموطن الإقامة وحكايات  الأمّهات الجدّات  ونساء الحيّ ، ذكريات ترسّخت وعاشت  وتعيش إلى الآن معك ، حدّثينا عنها ؟

ج …الإنسان ابن بيئته والأديب على وجه الخصوص يتأثّر بها ويؤثّر فيها وأنا ابنة الشّمال الغربي للبلاد التّونسيّة موطن الأصالة والجمال ، شاهق بسهوله وجباله  بعيونه وغاباته ، طبيعة لا شكّ تترك بصمتها في الكيان فطرة واكتسابا ، تفتح العين على مواطن الجمال وتفسح للخيال مراتع لا يدركها الخطو . وإذا أضفنا إلى ذلك ما يتلقّاه الطّفل في مراحله الأولى ،ما يعيشه رغم البساطة وما ينغرس في نفسه من حكايات السّمر الشّتويّة حول الكانون  والصّيفية  في باحة البيت الكبير تحت ضوء القمر ،  الجلسات العائليّة الحميمة ، كلّ ذلك يتحوّل رصيدا بل ثروة يظلّ الطّفل السّاكن في الأعماق ينهل منها ويعود إليها منبعا وملاذا كلّما انسدّت الآفاق وانا كغيري من أبناء الموطن العزيز عشت تلك التفاصيل الجميلة وترسّخت في ذاكرتي لتكون السّند والمحفّز كلّما عزّ السّند .

 

س ….من أوّل من آمن بموهبتك وظلّ حافزا لك؟

ج … الموهبة نعمة من نعم الله تنمو في الباطن وتتطوّر عفويّا أحيانا واكتسابا إذا حظيت بالمتابعة والتأطير ولعلّني هنا أقول إنّني كنت محظوظة لأنّني وجدت من العناية في الأسرة،  في المدرسة وعندما تقدّمت الأيّام وتحديدا في المرحلتين الثانويّة والجامعيّة  كان للرّفقة الطّيّبة وصديقات الدّرب ما زاد الشّغف بالمنافسة  وبالمناسبة أقول شكرا لكلّ من علّمني حرفا ، لكلّ من سهر على نموّ مداركي وموهبتي ولكلّ من آمن بي كيانا قادرا على العطاء .

 

س …المراحل التّعليميّة على تعدّداتها ، لها دور  كبير لأيّ إنسان عادي، وتأثير أكبر وواع  للكاتب ، ماذا  عن تأثيرات المراحل التّعليميّة عليك وعلى كتاباتك؟

ج …. لا شكّ أنّ المراحل التّعليميّة تلعب دورا كبيرا في تكوين المتعلّم كما في اكتشاف ميولاته ومواهبه وهي أضافة إلى ذلك  تسهم في عمليّة الوعي بتلك المواهب. بالنّسبة لي كانت تلك المواهب فطريّة فقد كنت أحبّ الدّرس بأنواعه لكنّني كنت مولعة بدرس اللّغة العربيّة ، بالمطالعة وأجد متعة كبيرة في حصص الإنتاج الكتابي وخاصة في كتابة مواضيع الانشاء التي كثيرا ما حوّلها معلّم الفصول الأخيرة من المرحلة الابتدائيّة إلى شبه مسابقات كان أثناءها يكرّم المتفوّقين بقراءة ما يكتبون على زملائهم ، شغف تواصل معي وبات هدفا نمّته محاور المرحلة الثّانويّة التي كانت تتّسم بثراء كبير وهي تجمع الأدب بمختلف مراحله انطلاقا من المعلّقات وصولا إلى الأدب الحديث وقد بدأت مظاهر ذلك الشّغف تطفو على السّطح في محاولات الكتابة نثرا وخواطر ومحاولة كتابة الشّعر بعد أن تعلّمت العروض والبحور الخليلية ، شغف جعلني أرفض وبشدّة رغم تميّزي الدّراسي  توجيهي إلى شعبة العلوم والرّياضيات بل استمتّ كي ألتحق  بشعبة الفلسفة والآداب الكلاسيكيّة . وكان لي ذلك بمعاضدة من أبي رحمه اللّه.. تلا  ذلك التخصّص في شعبة الآداب العربيّة وباتت الانطلاقة عن رغبة ووعي.

 

س …هل تتذكرين أوّل ما كتبت وعلى من تمّ عرضه وما ردود الفعل عليه ممّن عرض عليهم ؟

ج .. أن أستحضر النّصّ بعينه أمر لا سبيل إليه لكنّني أذكر أنها كانت  محاولات في الخواطر والقصّة والشّعر بعد دراسة علم العروض. أمّا بالنسبة للقصّة والخواطر فقد كنت أُطلِع عليها أستاذ اللّغة العربيّة بداية من المرحلة الاعداديّة وكان في كلّ مرّة يشجّعني على مزيد الجهد والشّعر كنّا ننجزه في الأغلب في الفصل تدريبا على البحور الشّعريّة وكنت ضمن من ينالون رضا الأستاذ .

 

س …العمل الأوّل الذي نشر كيف استقبل من الوسط الثّقافي ، النّقّاد؟

العمل الأوّل الذي قمت بنشره هو مجموعة شعريّة تحمل عنوان .. أحلام ومراكب .. كان نشره بعد تردّد كبير ولولا تحفيز بعض الصّديقات ما كان يرى النّور أبدا  بسبب أنّني ما كان في نيّتي مطلقا أن ألج  المجال الثقافي نشرا  ولعلّ ذلك سبب من أسباب أنّ هذا المنجز لم ينل حظّه من الانتشار والنّقد لأنّني كنت بعيدة جدّا عن التّفاعل مع السّاحة الثّقافية .

 

س …المواجهة الأولى لك مع جمهور المثقّفين  كيف كانت ، وما مدى تأثيراتها عليك سلبا أم إيجابا؟

ج .. إجابة عن هذا السّؤال أعترف أنّني في بداياتي كنت متحفّظة جدّا في الاختلاط  بالسّاحة الثّقافيّة لأسباب يطول شرحها  وكنت كثيرا ما أتخلّف عن بعض الدّعوات التي  كانت  تصلني لأنّني ما كنت أبدا من المتهافتين على الظّهور لكن بعد أن تمّ تأسيس جمعيّة ملتقى الحرف الأصيل التي كانت تحت إشراف صديقتي  الأديبة فاطمة محمود سعدالله وهي رفيقة درب وحرف وقد كنت أنا في منصب نائب الرّئيس بات لزاما عليّ الحضور ضمن نشاطات الجمعيّة وانطلقت اللقاءات كأحسن ما يكون علما أنّ من امتهن التّدريس لفترة زمنيّة مطوّلة  لا يجد أبدا صعوبة في التواصل مع الأفراد والجماعات لذلك لا أعدّ أبدا ذلك التّواصل مواجهة  بل أراه  تكاملا من أجل عمل واع وهادف.

 

س …هل تذكرين أوّل قراءاتك ، ولمن تحديدا و هل تعودين لقراءاتك الأولى مرّات أخرى؟

ج … أولى القراءات  في المرحلة الابتدائيّة كانت القصص القصيرة وهي في أغلبها إمّا خياليّة أو واقعيّة مشبعة بالخيال  أمّا في المرحلتين الاعداديّة والثانوية فكانت قصص جرجي زيدان و المنفلوطي وكل الكتب التي توزّع علينا في حصص المطالعة  أو التي تكون ضمن البرامج التّعليميّة والتي أستحضر منها على سبيل الذكر لا الحصر كتب طه حسين ، يوسف ادريس ، البشير خريف ، محمّد العروسي المطوي ، على الدّوعاجي  فاطمة سليم نافلة ذهب  ثمّ تطوّرت فبات توفيق الحكيم ، أبو العلاء المعرّي ، ابن حزم الأندلسي ، الطّيّب صالح ، نجيب محفوظ  ، حنّا مينة، بلزاك ، بودلار ، جان جاك روسو والشّعراء بداية من العصر الجاهلي وحتّى  العصر الحديث  والقائمة تطول  إنّها مؤلّفات كثيرة  تركت في النّفس بصمة وأسهمت في تأسيس خلفيّة ثقافيّة جادّة .

 

 

س… ماذا عن النّقد ، النّقد عامّة ونقد أعمالك الخاصّة وهل النّقد بوقتنا  الحالي يؤدّي  رسالته  الهادفة لإيجاد ثقافة تؤثّر إيجابا على المجتمع؟

ج …النّقد في رأيي هو الرّافعة الأساس للثّقافة الجادّة فبدون نقد لا تتطوّر التّجارب ولا تنمو الثّقافة التي تكون مرجيعيّة بل هويّة لأيّ لغة لكن في رأيي أيضا لا يكون هذا النّقد  نقدا على قدر الحزم والمسؤوليّة إلّا إذا كان نقدا نزيها وموضوعيّا فيخرج عن أسلوب المجاملات والعلاقات . نقد يهتمّ بالنّصّ ولا شيء غير النّصّ . أمّا عن أعمالي فأقول رغم جهود بعض النّقّاد مشكوين فإنّها مازالت لم تصل بعد إلى مستوى العناية المطلوبة بالنسبة للنّصّ أيّ نصّ كان بعيدا عن الحسابات والعلاقات فأنا أومن جدّا بأنّ النّصّ وحده هو المقياس الأصحّ للنّقد . .النّصّ ولا شيء غير النّصّ.

 

س …كيف ترين المشهد الثّقافي التّونسي والعربي والعالمي؟

ج … العالم في أيّامنا هذه بحكم الثّورة المعلوماتيّة بات قرية صغيرة  وبالتّالي الجميع يتابع الجميع والثّقافة تتوسّع وتتعدّد بفضل التّرجمة والتّواصل وتلك لعمري إيجابيّة تسهم في تلافح الحضارات وتطوير التّجارب   لكنّ  في المقابل هذه الكثرة تحيل أيضا على خطر قد يداهم الثّقافات في غياب النّقد النّزيه الذي عليه أن يغربل ويمنع اختلاط الحابل بالنّابل .

 

س …ما الأهداف التي تكون نصب أعينك  حين تناول القلم وتسطير كتاباتك؟

ج … الأدب رسالة والأديب صاحب هذه الرّسالة من أجل ذلك لابدّ أن تكون الكتابة ضمن هذا التّوجّه فالكاتب شاعرا كان أو غير ذلك بمجرّد أن يمسك القلم يصبح  متعدّد الهويّة هو الذّات وهو الآخر وهو صوت الجماعة ولابدّ أن يكون على قدر تلك المسؤوليّة ومن أجل ذلك أنا ألتزم بالإنسان قضيّة وكلّ ما أكتب لابدّ إن يكون للإنسان وقضايا الإنسان .

 

س ..لمن تكتبين ، عنك ، عن الآخر ، أم عن الآخر ؟

ج … يرى الفلاسفة  ومنهم هيجل وسارتر “أنّ الغير – أو الآخر-  ضروريّ لوعي الذّات وممارسة وجودها في العالم ، إنّه الوسيط بين الذّات والوعي بوجودها ” وبالرّغم عن التّنسيب الذي ذهب إليه كلّ من الفيلسوفين فإنّ تلك المقالة تظلّ حاسمة في تحديد علاقة الأنا بالأخر أو بالآخرين والكاتب  على  وجه الخصوص  يمثّل هذه الخلطة ذلك أنّ الكتابة هي ” حوار وتواصل وبناء” هي صوت الإنسان منطلقا من الذّات أو هي صدى صوت الآخر في الذّات حديثا عن قضايا الإنسان الخاصّة والعامّة . تلك هي الكتابة في نظري وذاك هو الأدب كما يجب أن يكون.

 

س….ما أسباب  الفجوة  الكبيرة بين ثقافتنا  العربيّة  والثّقافات الغربيّة  وكيف يمكننا سدّ هذا الفارق؟

ج … يرى البعض أنّ “الثّقافة هي روح الأمّة وعنوان هويّتها وهي من الرّكائز الأساس في بناء الأمم وفي نهوضها فلكلّ أمّة ثقافة تستمدّ منها عناصرها ومقوّماتها ” لذلك على كلّ أمّة أن تحافظ على تلك المقوّمات وتسعى إلى تطويرها كي تواكب العصر  وتكون قادرة على منافسة غيرها من الأمم ، والأمّة العربيّة بلغت في زمن ما أوج الرقّيّ والإشعاع لكنّ الأجيال اللّاحقة لم تكن في مستوى التّحدّي فباتت الأمّة أفرادا وجماعات تابعا للثّقافات الأخرى  تقلّدها تقليدا أعمى وتنهل من معينها دون حساب وهو ما أحدث الفجوة السّحيقة بين الثّقافة العربيّة وغيرها من الثّقافات ولعلّ عزوف العرب عن اللّغة الأمّ وتعلّقهم باللّغات الأجنبيّة  خاصّة منها الفرنسيّة والانجليزيّة بتعلّة أنّها الأنسب للغة التّواصل والشّغل علاوة على ما أصبح للعولمة من تأثير كبير على الأفراد ممّا  دفعهم إلى التّخلّي عن الثّقافة الأمّ ولعمري تلك عثرة جسيمة في مسار الحضارة لا يمكن تجاوزها إلّا بإعادة النّظر في أساليب التّعامل مع الذّات والآخر.

 

س….من تقرئين وتتابعين كتاباتهم من نفس جيلك ومن الأجيال  التّالية والأجيال السّابقة ولماذا؟

ج … القراءة  ليست مقيّدة بزمن أو بأشخاص إلّا إذا كان ذلك متعلّقا بالبحوث  أوالدّراسات أمّا القراءة في المفهوم العام فهي رهينة الكتاب ومدى ما يمكن له من قدرة على شدّ اهتمام المتلقّي بعيدا عن التّصنيفات الزّمنيّة لذلك أنا أقرأ للجميع ، من السّابقين ، من المعاصرين لي وأحيانا لبراعم واعدة أظلّ أنتظر ما تصدر لأن المعروض لها مغر ومحفّز على القراءة.

 

س …ما رأيك بالجوائز الأدبيّة هل بها معايير  تؤدّي بها إلى التّوجّه إلى من يستحقّها ؟

ج ..  الجوائز كانت وتظلّ معيار تقييم وتثمين للأعمال الأدبيّة ومن المفروض أنّ اللّجنة التي تشرف على هذه المهمّة تكون على قدر عال من الحياد والموضوعيّة فيكون التّقييم للنّص دون غيره من المعطيات الأخرى أمّا إذا غابت هذه المقاييس فإنّ العمليّة برمّتها تصبح علامة فشل ذريع وحينها تغيب أهميّة الجائزة وقيمة الفوز .

 

س …ما تأثيرات الشّلليّة والدّوائر المغلقة الأدبيّة على الثّقافة؟

ج … ظاهرة لا يمكن نفيها وهي حسب رأيي المتواضع تعدّ نازلة كبرى في حقّ الثّقافة الجادّة .

 

س …كيف ترين آليات الحفاظ على الهويّة  الثّقافيّة والفنّيّة والفكريّة والعقائديّة العربيّة ؟

ج …بات من المتعارف أنّ الكون صار قرية صغيرة بحكم الثّورة المعلوماتيّة فأصبح التّواصل بين الشّعوب والاطلاع على خصوصيات الغير من الأمور البديهيّة وهذا في رأيي يعدّ أمرا إيجابيّا لأنّه يسهم في تطوير المعارف كما في تلاقح الحضارات  لكنّ الخطورة تكمن  في الانسياق الأعمى الذي بتحوّل إلى تبعيّة تذوب خلالها شخصيّة التّابع في شخصيّة المتبوع ، عمليّة تتجاوز الأفراد لتشكّل خطرا على الأمّة هويّة ، ثقافة وعقيدة ومن أجل ذلك لابدّ من ترك مسافة بين الأخذ والعطاء حتّى تتمّ عمليّة التّكامل وتبادل الخبرات واكتساب المعارف على الوجه الأنفع.

 

 

 

س …ما العمل الأدبي الذي كنت تتمنّين أن تكوني أنت من كتبتيه؟

الكتابة قرينة الرّوح والرّوح حكر على صاحبها ولا يمكن لعاقل أن يتمنّى استلاب روح الآخر لصالحه لذلك أقول إنّني أفرح بالكتابات الجيّدة  وأتمنّى لأصحابها المزيد من العطاء والتميّز ولا يخطر ببالي أبدا أن أكون صاحبة أثر بدلا عن صاحبه لأن في ذلك خللان الأوّل أن العمليّة تصدر عن حسد أو أنانيّة وأنا بحمد الله نظيفة القلب مولعة بالإيثار أمّا الخلل الثّاني فهو استنقاص للذّات بتقدير أنّها لا تستطيع إنجاز إبداع مماثل ولِمَ لا أجمل . لذا أقول هنيئا لكل من يبدع وكل التّوفيق والسّداد للجميع.

 

س ..إلى أيّ جيل أدبي كنت تتمنّين الانتماء؟

ج … التّصالح مع الذّات غاية سامية لا تستقيم حياة الفرد بدونها لذا أقول لكلّ جيل خصائصه ومميّزاته علما أنّ الأجيال حلقات يكمل بعضها بعضا بحكم أنّ الثّقافة قرينة المراحل الزّمنيّة  وكلّ جيل تكون له بصمة تبني عليها الأجيال القادمة والأهمّ في العمليّة هو أن يكون كلّ جيل واعيا بمسؤوليّته تجاه ما ينجز حتّى يكون البناء سليما ومن هذا المنطلق فأنا فخورة بانتمائي إلى جيلي دون أن أغبط حقّ السّابقين ولا حقّ اللّاحقين  .

 

س ..ما مشروعك الكتابي الحالي  وما المشروع الحلم الذي تتمنّين أن ينجز قريبا؟

ج … المشروع الحالي هو الجزء الثاني من روايتي …عند غروبها أشرقت …الذي صدر منه الجزء الأول سنة 2022 وأنا الآن بصدد وضع اللّمسات الأخيرة للجزء الثاني الذي سيرى النّور بعون الله سنة 2024

أمّا المشروع الحلم فهو المذكّرات التي أتمنّى أن يسعفني الجهد لإعدادها في أقرب وقت ممكن.

 

س … ما مدى تأثيرات العمل المهني على الكاتب ؟

ج …من وجهة نظري قد يكون العمل المهني عائقا أو مؤجّلا للمسيرة الإبداعية  وجهة نظر قد لا يراها غيري   لكن في حدود تجربتي الخاصّة كان خوضي لغمار هذه التّجربة عندما تفرّغت من بعض المسؤوليات الأخرى كرعاية الأبناء  في مراحل التّحصيل الدّراسي وكمسؤوليّة المهنة كمربّية للأجيال  مرحلة بات لي فيها من الوقت ما أسعف بعض التّأخير في هذه المسيرة وأنا حاليا أحاول أن أستغلّ ذلك لإنصاف موهبة كادت تبتلعها العناية بالآخرين.

 

س …هل للكاتب عمر يتوقّف  عنده عن الكتابة ؟

ج … الكتابة قرينة الموهبة تنمو وتترعرع مع عمر الإنسان واذا اكتشفت فإنّها  وتبقى ملازمة له لذلك أقول  إنّ الكتابة حياة ولن تتوقّف إلّا في حالة واحدة .. الموت .

 

س …إلى من تودّين  توجيه رسائلك بالشّأن الثّقافي والفكري ، وما فحواها؟

ج … سؤال وجيه كم نحن في حاجة إليه في هذا الزّمن وإجابة عنه أقول من هذا المنبر :

-للمثقفين  تحلّوا برحابة الصّدر فإنّ  السّاحة الثّقافيّة فسيحة تسع الجميع ، كونوا يدا واحدة من أجل الثّقافة ولا شيء غير الثّقافة .

-للهواة والمبدعين الشّبّان طالعو كثيرا ، تعلّموا من تجارب الغير ولا تتهافتوا على الشّهرة الواهمة لأنّها زبد خادع.

-للنّقّاد رسالتكم عظمى ومسؤوليّتكم كبيرة فكونوا على قدر ذلك لإرساء أسس ثقافة جادّة تكون قادرة على منافسة الثّقافات الأخرى .

 

 

 

 

 

شارك مع أصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *